السباحه في رمضان وحكمها

بواسطة: - آخر تحديث: 06:27 , 26-02-2020
السباحه في رمضان وحكمها

السباحة في الإسلام

شرع الإسلام لعباده القيام بشتى الأعمال التي يكون لهم فيها صلاح ونفعٌ في الدنيا، وليس فيها ضرر، على ألا تؤثر في عباداتهم ومعتقداتهم، وألا تُخالف أحكام الإسلام وتشريعاته السمحة، وقد حبب الإسلام بالرياضة ودعا لها، وذلك من خلال الدعوة لتعلم جميع ما فيه منفعةٌ للجسد كالسباحة والرماية وركوب الخيل، وغير ذلك من الرياضات القديمة والمعاصرة، ومن ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح من رواية بكر بن عبدالله بن سعيد الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عَلموا بنيكُمُ السباحةَ والرميَ ولَنعمَ لهوُ المرأةِ مغزلُها وإذا دعاكَ أبوكَ وأمُّكَ فأجبْ أمُّكَ)، لذلك ينبغي على المسلم السعي لتحصيل الدراية التامة بجميع أنواع الرياضات التي توافق الشريعة ولا تخالفها، أو يكون فيها حرامٌ صريح، أمّا السباحة في رمضان للصائم فلا تخرج عن كونها عملية جسديّة رياضيّة، فهل تؤثر تلك العملية في صحة الصيام، وإن كان لها تأثيرٌ عليه فما حكم السباحة أثناء الصيام؟ ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.


حكم السباحة في رمضان

حكم السباحة للصائم في نهار رمضان مرتبط بأمرين؛ فإما أن يضمن الصائم أثناء السباحة ألا يدخل شيءٌ من ماء السباحة إلى جوفه، وإمّا ألا يضمن ذلك، ولكل حالةٍ منهما حكمٌ مستقل، وبيان ذلك فيما يلي:

  •     إذا غلب على ظن الصائم أنّه لن يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه أثناء السباحة عن طريق الفم، أو الأنف، أو أي منفذٍ يوصل الماء للجوف، بحيث كان يُتقن السباحة ويضمن الحفاظ على صيامه، فصيامه صحيحٌ ولا بأس في السباحة له، بشرط أن يواظب ويحافظ على عدم دخول الماء إلى جوفه ما أمكن، وحكمه بذلك وحكم سباحته أثناء الصيام كحكم الاغتسال في نهار رمضان للصائم، حيث أجاز العلماء الاغتسال للصائم في نهار رمضان، ولو كان القصد من اغتساله التبرد فقط، وقد ثبت أن ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كان قد بَلَّ ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ، حيث أورد البخاري ذلك في صحيحه، مما يعني جواز ذلك في نهار رمضان للصائم.

 

    كما رُوي عن الشَّعْبِيُّ أنه دخل الْحَمَّامَ؛ مكان الاستحمام وَهُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ البصري: (لا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِم)، وَقَالَ أَنَس: (إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ)، والأبزن هو: حجرٌ محفورٌ يُشبه الحوض، يُملأ ماءً ثم يغتسل فيه أنس رضي الله عنه مما يُشير إلى جواز السباحة في أثناء الصيام للصائم، حيث إنَّ الأبزن المشار إليه في قول أنس يُشبه (البانيو) في العصر الحاضر، ولو لم يكن لدى أنس رضي الله عنه دليلٌ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو تقريره في ذلك لما فعله، وذلك لقربه من النبي وعلمه بأحواله وأقواله وتقريراته، كما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة أنّ السباحة تجوز في نهار رمضان للصائم، ولكن ينبغي على الذي يريد السباحة أثناء الصيام أن يراعي عدم دخول الماء إلى جوفه حتى لا يفسد صيامه، إذ إنّ دخول الماء إلى الجوف أثناء الصيام يُفسده حتماً.

  •     إذا غلب على ظن الصائم الذي يريد السباحة أثناء الصيام أنّ الماء سيدخل إلى جوفه، فلا تجوز له السباحة أثناء الصيام تحرُّزاً من ذلك لكي لا يفسد صيامه، والدليل على ذلك ما رواه لَقِيْطٍ بنِ صَبِرَة رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ أنّه قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ؟ قَالَ: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ، إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا).

 

    ونقل الإمام أحمد عن الحسن البصري والشعبي وغيرهما أنَّه يُكره للصائم أن ينغمس في الماء أثناء صيامه مخافة أن يدخل في أُذُنيه شيءٌ من الماء، ويتسلل منهما إلى جوفه، وقال الأذرعي من الشافعية: (لو عرف من عادته أنّه يصل الماء إلى جوفه من ذلك لو انغمس، ولا يمكنه التحرز عن ذلك، حُرّم عليه الانغماس).

    أمّا إذا انغمس الصائم في الماء أو مارس السباحة في نهار رمضان فدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه عن طريق أحد المداخل المؤدية للجوف دون قصدٍ منه، كما يحصل أن يتوضأ الصائم ويُبالغ في الاستنشاق في نهار رمضان، حتى إن غلب على ظنه أن الماء لن يدخل إلى جوفه، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال، وهي:

  • يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أنّ الصائم في هذه الحالة يبطُل صومه حتى لو غلب على ظنه أنّه لن يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه.
  • ذهب بعض العلماء كالحنابلة وبعض فقهاء التابعين إلى عدم بطلان صيام الذي يسبح في نهار رمضان، ثم يدخل شيءٌ من الماء إلى جوفه.

 

المراجع

  1. رواه محمد بن محمد الغزي، في إتقان ما يحسن، عن بكر بن عبدالله بن سعيد الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1/363، حسنٌ لغيره.
  2. أ ب محمد صالح المنجد (25-10-2005)، "حكم السباحة في رمضان"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن لقيط بن صبرة، الصفحة أو الرقم: 788، حسنٌ صحيح.
  4. الفراهيدي، العين، السعودية: دار ومكتبة الهلال، صفحة 39، جزء 7.
  5. أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: المكتبة العلمية، صفحة 238، جزء 1.
  6.  
21772 مشاهدة

مواضيع قد تعجبك


a
Access Keys
1
التصنيفات
2
أحدث المواضيع
3
كورونا
4
اتفاقية الاستخدام
5
سياسة الخصوصية<
6
عن مُفيد